وصف أم معبد للرسول صلى الله عليهوسلم
أم معبد هي الوحيدة التي وصفت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفاًدقيقاً مختصراً نذكره لكم في هذه الصفحة وقصتها مع رسول الله مذكورة في كثير من كتبالتاريخ وهي ..
أنه لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلىالمدينة المنورة يرافقه أبو بكر رضي الله عنه ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكرودليلهم عبد الله بن أريقط ..
فمروا بخيمة أم معبد الخزاعية ، وكانت امرأةقوية الأخلاق عفيفة تقابل الرجال ، فتتحدث إليهم وتستضيفهم ، وسألها الركب عن التمرأو لحم يشترونه فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك ، فقد كانت من السنين العجاف ، فقالتلهم : والله لو كان عندنا شئ ما أعوزكم القرى ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى شاة في ركن الخيمة
فقال : (( ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ )) ، قالت : هذه شاة خلفها التعب عن الغنم .
فقال صلوات الله وسلامه عليه : (( هل بهامن لبن ؟ )) فقالت : هي أجهد من ذلك .
قال : (( أتأذنين أن أحلبها ؟ )) ،قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلباً .
فدعا رسول الله صلى اللهعليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال : (( اللهم بارك لها في شاتها )) ..
فامتلأ ضرع الشاة ودر لبنها ، فدعا بإناء لها كبير ، فحلب فيه حتى ملأهفسقى أم معبد فشربت حتى رويت ، وسقى أصحابه حتى رووا ، وشرب صلى الله عليه وسلمآخرهم وقال : ( ساقي القوم آخرهم ).
فشربوا جميعاً مرة بعد مرة ، ثم حلب فيثانية عوداً على بدء فغادروا عندها ، ثم ارتحلوا عنها ، فما لبثت أن جاء زوجها يسوقأعنزاً عجافاً هزلي فلما رأى اللبن عجب واستغرب وقال : من أين لكم هذا ولا حلوبة فيالبيت ؟ ..
قالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت ..
قال : والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب ، صفيه لي يا أم معبد ؟
قالت : رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة ، مبتلج ( مشرق ) الوجه حسن الخلق ، لمتعبه ثجلة ( ضخامة البطن ) ولم تزر به صعلة ( لم يشنه صغر الرأس ) وسيم قسيم ، فيعينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ( طويل شعر الأجفان ) ، وفي صوته صحل ( رخيم الصوت ) أحور أكحل أرج أقرن شديد سواد الشعر ، في عنقه سطح ( ارتفاع وطول ) وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء ، وكأن منطقة خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق فصل لا نذر ولا هذر ( لاعي فيه ولا ثرثرة في كلامه ) أجهر الناسوأجملهم من بعيد ، وأحلاهم وأحسنهم من قريب ، ربعة ( وسط مابين الطول والقصر ) لاتشنؤه ( تبغضه ) من طول ولا تقتحمه عين ( تحتقره ) من قصر ، غصن بين غصنين ، فهوأنضر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراً له رفقاء يخصون به ، إذا قال استمعوا لقوله ،وإذا أمر تبادروا إلى أمره ، محفود ( يسرع أصحابه في طاعته ) ، محشود ( يحتشد الناسحوله ) لا عابث ولا منفذ ( غير مخزف في الكلام ) .
قال أبو معبد : هذاوالله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ، ولو كنت وافقته يا أم معبد لتلمستأن أصحبه ولأفعلن إن وجدت لذلك سبيلا ..